فصل: ذِكْرُ الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ وَهِيَ تَطْلِقُ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ وَهِيَ تَمْخَضُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ حِيَضٌ لَا تُصَلِّي، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا رَأَتِ الدَّمَ عَلَى الْوَلَدِ أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَاءِ الْأَبْيَضِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ حِينَ يَضْرِبُهَا الطَّلْقُ حَضْرَةَ الْوِلَادَةِ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي حَتَّى تَرَى دَمَ النِّفَاسِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ إِذَا ظَهَرَ الدَّمُ تَرَكَتِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: تَصْنَعُ مَا تَصْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ حَتَّى تَلِدَ فَيَكُونَ حُكْمُهَا حِينَئِذٍ حُكْمَ النُّفَسَاءِ.

.ذِكْرُ الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهَا إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَنْ تُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
824- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ أَخْبَرَتْنِي جَدَّتِي، عَنْ مَوْلَاةٍ، لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ».
825- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْمَغْرِبِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ الْحَكَمُ وَالْأَوْزَاعِيُّ يَقُولَانِ: إِذَا طَهُرَتْ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَقْتًا لِلْعَصْرِ فِي حَالٍ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ وَقْتَ الظُّهْرِ فِي حَالٍ، فَطَهُرَتِ امْرَأَةٌ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ كَانَ عَلَيْهَا الصَّلَاتَانِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي حَالٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَقْتُ الَّذِي جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِيهِ خِلَافَ الْوَقْتِ الَّذِي يَبْقَى مِنَ النَّهَارِ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي فِيهِ الْمَرْءُ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي أَبَاحَتِ السُّنَّةُ أَنْ تَجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ هُمَا إِذَا صَلَّاهُمَا فِي وَقْتِهَا كَجُمُعَةٍ بِعَرَفَةَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبِالْمُزْدَلِفَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ أَسْفَارٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِرَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، إِذْ فَاعِلُهُ مُتَّبِعٌ لِلسُّنَّةِ، وَالْوَقْتُ الَّذِي طَهُرَتْ فِيهِ الْحَائِضُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ وَقْتٌ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ التَّارِكَ لِلصَّلَاتَيْنِ حَتَّى إِذَا كَانَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ ذَهَبَ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَصَلَّى رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَسَبْعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عَاصٍ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَذْمُومٌ إِذَا كَانَ قَاصِدًا لِذَلِكَ فِي غَيْرِ حَالِ عُذْرِهِ، إِذَا كَانَ هَكَذَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَجْعَلَ حُكْمَ الْوَقْتِ الَّذِي أُبِيحَ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ حُكْمَ الْوَقْتِ الَّذِي حُظِرَ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا صَلَاةَ عَلَى الْحَائِضِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِذَا طَهُرَتْ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَيْهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهَا بِاخْتِلَافٍ صَلَاةً لَا حُجَّةَ مَعَ مُوجِبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْعَصْرِ لَا لِلظُّهْرِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا طَهُرَتْ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ صَلَّتِ الْعَصْرَ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، إِنْ شَاءَتْ إِنْ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا الْعَصْرُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَلَيْسَ الْمَغْرِبُ عَلَيْهَا بِوَاجِبٍ إِذَا طَهُرَتْ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِلَّا الصَّلَاةُ الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا رَأَتِ الْحَائِضُ طُهْرَهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَاغْتَسَلَتْ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا مِنَ النَّهَارِ إِلَّا مَا يُصَلِّي فِيهِ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّتِ الْعَصْرَ، فَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنَ النَّهَارِ مَا يُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا رَأَتْ طُهْرَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَاغْتَسَلَتْ صَلَّتِ الْعِشَاءَ، وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنَ اللَّيْلِ مَا يُصَلَّى مَا فِيهِ الْمَغْرِبُ وَرَكْعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: فَإِنْ هِيَ رَأَتِ الطُّهْرَ وَفَرَغَتْ مِنْ غُسْلِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ قَدْرَ مَا تُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتِ الْعَصْرَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فِي الظُّهْرِ.

.ذِكْرُ الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَهَا:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهَا الْقَضَاءُ كَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي أَنْ تُعِيدَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: تُعِيدُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، تَقْضِيهَا إِذَا كَانَ أَمْكَنَهَا أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تُفَرِّطَ وَتَدَعَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا صَلَّتْ رَكْعَةً مِنَ الظُّهْرِ أَوْ بَعْضَ الظُّهْرِ، ثُمَّ حَاضَتْ لَا تَقْضِي هَذِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي حَاضَتْ فِيهَا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا حَاضَتْ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ، لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا إِذَا هِيَ طَهُرَتْ، فَإِنْ أَخَّرَتِ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، ثُمَّ حَاضَتْ أَعَادَتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ، وَهِيَ طَاهِرٌ وَلَمْ تُصَلِّ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَهَا إِذَا طَهُرَتْ.

.ذِكْرُ الْحَائِضِ تَطْهُرُ فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهَا فِيهِ الِاغْتِسَال وَالصَّلَاةُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهَا فِيهِ الِاغْتِسَالُ وَالصَّلَاةُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِذَا أَخَذَتْ فِي الْغُسْلِ فَلَمْ تَفْرُغْ مِنْهُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنَ النَّهَارِ قَدْرُ رَكْعَةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ رَكْعَةٍ قَبْلَ اطِّلَاعِ الشَّمْسِ حِينَ رَأَتِ الطُّهْرَ فَلَمْ تَفْرُغْ مِنْ غُسْلِهَا إِلَّا بَعْدَمَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ صَلَّتْ كَمَا وَصَفْتُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَإِنَّمَا وَقْتُهَا حِينَ تَرَى الطُّهْرَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِمَّنْ عَلَيْهَا فَرْضُ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ الْغُسْلُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَلَمْ تَغْتَسِلْ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا فَلْتُعِدْ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَإِنْ لَمْ تَفْرُغْ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ.

.ذِكْرُ النُّفَسَاءِ:

أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى النُّفَسَاءِ الِاغْتِسَالَ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنَ النِّفَاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَقْصَى حَدِّ النِّفَاسِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حَدُّ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ.
826- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي.
827- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: النُّفَسَاءُ تَنْتَظِرُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ نَحْوَهُ.
828- وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: تَمْكُثُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ.
829- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ: أَنَّ امْرَأَةً لِعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو نُفِسَتْ، فَرَأَتِ الطُّهْرَ فِي عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَتَطَهَّرَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ فَدَخَلَتْ فِي لِحَافِهَا، فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: لَا تُعْزِبِينِي مِنْ دِينِي حَتَّى تَمْضِيَ الْأَرْبَعُونَ.
830- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: تَنْتَظِرُ الْبِكْرُ إِذَا وَلَدَتْ وَتَطَاوَلَ بِهَا الدَّمُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَغْتَسِلُ.
831- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ مُسَّةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكُنَّا نَطْلِي عَلَى وَجْهِهَا الْوَرْسَ مِنَ الْكَلَفِ. وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالنُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَقْصَاهُ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْحَيْضِ،.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: النُّفَسَاءُ لَا تَكَادُ تُجَاوِزُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ جَاوَزَتْ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ إِلَى الْخَمْسِينَ، فَإِنْ جَاوَزَتِ الْخَمْسِينَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقْصَى النِّفَاسِ شَهْرَانِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ آخِرَ مَا لَقِينَاهُ، فَقَالَ: يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ النِّسَاءُ، وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، فَتَجْلِسُ أَبْعَدَ ذَلِكَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَجْلِسُ كَامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا، وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: تَرَبُّصُ شَهْرَيْنِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِوَى ذَلِكَ قَوْلَانِ شَاذَّانِ، أَحَدُهُمَا أَنْ تَنْتَظِرَ إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَ لَيَالٍ، أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي. يُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي ذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَهْلِ دِمَشْقَ يَقُولُونَ: إِنَّ أَجَلَ النُّفَسَاءِ مِنَ الْغُلَامِ ثَلَاثُونَ لَيْلَةً، وَمِنَ الْجَارِيَةِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً، وَقَالَ قَائِلٌ: إِذَا اسْتَمَرَّ بِالنُّفَسَاءِ الدَّمُ حَتَّى تَجَاوَزَ سِتِّينَ يَوْمًا، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَغْتَسِلُ عِنْدَ السِّتِّينِ، وَتُصَلِّي، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَقْضِي الصَّلَاةَ الَّتِي تَرَكَتْهَا فِي السِّتِّينَ يَوْمًا كُلَّهَا، إِذْ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ النِّفَاسُ لَمْ يَأْتِ فِيهَا وَقْتُ صَلَاةٍ، وَسَائِرُ الدَّمِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ، فَلَمَّا جَازَ وَصْفُنَا، كَانَ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّلَاةِ لَا عَلَيْهَا، هَذَا إِذَا أَشْكَلَ دَمُ نِفَاسِهَا مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ يَلْزَمُ عِنْدِي مِنْ أَمْرِ الْبِكْرِ الْمُبْدَأَةِ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ مَا بَيْنَ أَوَّلِ مَا تَرَاهُ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا أَنْ تُعِيدَ صَلَاةَ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْحَيْضِ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ تَنْفَسُ أَوَّلَ نِفَاسِهَا دَعِي الصَّلَاةَ إِلَى أَقْصَى نِفَاسِهَا، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَقْصَى النِّفَاسِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِإِعَادَةِ صَلَاةِ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْوَقْتِ الْمَوْجُودِ مِنْ نِفَاسِ النِّسَاءِ، وَيَجِبُ كَذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَهَا إِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا قَدْ جَرَتْ فِيمَا مَضَى بِأَنْ تَقْعُدَ أَيَّامًا مَعْلُومَةً فِي النِّفَاسِ، فَزَادَ الدَّمُ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى عَادَتِهَا فِيمَا مَضَى كَمَا يَأْمُرُ مَنْ لَهَا وَقْتٌ مَعْلُومٌ تَحِيضُهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ذَلِكَ الْوَقْتَ، فَزَادَ عَلَى أَيَّامِهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى وَقْتِهَا الْمَعْلُومِ، فِيمَا مَضَى وَتَجْعَلُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ اسْتِحَاضَةً، وَاللهُ أَعْلَمُ.

.ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَقَلِّ النِّفَاسِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّ النِّفَاسِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا وَضَعَتِ الْحَامِلُ حَمْلَهَا فَرَأَتْ دَمًا فَهِيَ نُفَسَاءُ، وَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ وَالصَّلَاةُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَقَلُّ النِّفَاسِ سَاعَةٌ، أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَقَلُّ النِّفَاسِ سَاعَةٌ، وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ وَلَدًا فَلَمْ تَرَ عَلَيْهِ دَمًا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، قَالَ: تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، وَقَالَ مَالِكٌ كَذَلِكَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: أَقَلُّ النِّفَاسِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَدْنَى مَا تَقْعُدُ النُّفَسَاءُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، فَيَكُونُ أَدْنَى النِّفَاسِ أَكْثَرَ مِنْ أَقْصَى الْحَيْضِ بِيَوْمٍ، وَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ تَحْدِيدَاتٌ وَاسْتِحْسَانَاتٌ لَا يَرْجِعُ قَائِلُهَا فِيمَا قَالَ إِلَى حُجَّةٍ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا رَأَتِ النُّفَسَاءُ الطُّهْرَ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَإِنَّهَا طَاهِرٌ فَلْتُصَلِّ.
وَرُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ اغْتَسَلَتْ يَوْمَ السَّابِعِ، وَصَلَّتْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، وَذَلِكَ أَنَّ وُجُودَ دَمِ النِّفَاسِ هُوَ الْمُوجِبُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا ارْتَفَعَ الدَّمُ عَادَ الْفَرْضُ بِحَالَهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ وُجُودِ دَمِ النِّفَاسِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.